جاء في كتاب عجائب المخلوقات للأمام القزويني : أن عابدا سمع قوما يعبدون شجرة من دون الله , فحمل فأسا
وذهب ليقطع تلك الشجرة , فلقيه إبليس في صورة شيخ , فقال له : إلى أين وأي شيء تريد ؟ يرحمك الله , فقال :
أريد قطع هذه الشجرة التي تعبد من دون الله , فقال له : ما أنت وذاك ؟ تركت عبادتك وتفرغت لهذا . فالقوم أن
قطعتها يعبدون غيرها . فقال العابد : لا بد لي من قطعها , فقال إبليس : أنا أمنعك من قطعها , فصارعه العابد
وضربه على الأرض , وقعد على صدره , فقال له إبليس أطلقني حتى أكلمك , فأطلقه فقال له : يا هذا أن الله تعالى
قد أسقط عنك هذا , وله عباد في الأرض لو شاء أمرهم بقطعها , فقال له العبد : لا بد لي من قطعها . . .
فدعاه للمصارعة مرة ثانية , وصرعه العابد . فقال له إبليس : هل لك أن تجعل بيني وبينك أمرا هو خير لك من هذا
الذي تريد ؟ فقال له : وماهو ؟ فقال له : أنت رجل فقير , فلعلك تريد أن تتفضل على إخوانك وجيرانك وتستغني عن
الناس . فقال : نعم , فقال إبليس : ارجع عن ذلك , ولك علي أن أجعل تحت رأسك كل ليلة دنارين تأخذهما تنفقهما
على عيالك , وتتصدق منهما فيكون ذلك أنفع لك وللمسلمين من قطع هذه الشجرة , فتفكر العابد وقال : صدقت فيما
قلت , فعاهدني على ذلك و وحلف له إبليس , وعاد العابد إلى متعبده . . .
فلما أصبح العابد رأى دينارين تحت رأسه , فأخذهما , وكذلك في اليوم الثاني . فلما كان في اليوم الثالث وما بعده
لم ير العابد شيئا , فغضب وأخذ الفأس وذهب نحو الشجرة ليقطعها , فاستقبله إبليس في صورة ذلك الشيخ الذي
لقيه أول مرة , وقال له : أين تريد ؟ قال العابد : إلى قطع هذه الشجرة , قال له : ليس إلى ذلك من سبيل . فتناوله
العابد ليغلبه كما غلبه من قبل ذلك . فقال إبليس : هيهات هيهات ! وأخذ العابد وضربه على الأرض كالعصفور ,
ثم قال : لئن لم تنته عن هذا الأمر لذبحتك . فقال العابد : خل عني وأخبرني كيف غلبتني ؟
فقال إبليس : لما غضبت لله تعالى سخرني الله لك وهزمني أمامك . والآن غضبت للدنيا ولنفسك فصرعتك .