منتديات شموع الاسلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات شموع الاسلام

الفتاوى العام . الفتاوى الخاص. تفسير الاحلام. تسجيلات القران الكريم . تسجيلات الخط والدروس . تسجيلات الاناشيد
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
ألــف مــبــروك يـامــصــر وشــكــرا فــخـامــة الــرئـيـس الــسـيســي فقد وعــدت فــأنــجـزت شــكرا للــقــوات الـمسـلــحـة الـبـاسلـة وشكر خاص من القلب وعرفان بالجميل من ادارة المنتدى ومن الشعب المصرى الى البطل القومى المصرى السيد الرئيس (( عبد الفتاح السيسى )) لقد عجز القلم عن الكتابة وعجز للسان عن الكلام مبهورين بما تقوم به من انجازات . فقد قلت فصدقت ووعدت فاوفيت . وها انت تترجم اقولك ووعودك الى انجازات ( ابهرت العالم قبل الشعب المصرى بما قمت به من انجازات تجاه مصر وشعبها

اللهم احفظ مصر وشعبها وجيشها ورئيسها ووفقهم إلى الحق وسدد خطاهم واحقن دمائهم وانصرهم على أعدائهم في الداخل والخارج يا رب العالمين

 

 الزواج في ظل الإسلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Maryam Essa
الاداره الــعــامة
الاداره الــعــامة
Maryam Essa


عدد المساهمات : 521
تاريخ التسجيل : 22/05/2010
العمر : 23
الموقع : Maryam Essa

الزواج في ظل الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: الزواج في ظل الإسلام   الزواج في ظل الإسلام Icon_minitime125.05.10 2:26

بسم الله الرحمن الرحيم
آلسٌِِّلآمً ًٍعليَـِِّـِِِّـِِّـِِّـِِّكَمً وٍرٌٍحٍّمًة آللهٍَ وٍبٌَِرٌٍكَآتُِِّْهٍَ

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له‏.‏ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله‏.‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون‏}‏ ، ‏{‏يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا‏}‏ ، ‏{‏يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما‏}‏‏.‏

وبعد فقد اطلعت على كثير من مشاكل البيوت والأسر، وأحمد الله سبحانه إذ حقق على يدي حلولاً لكثير من المشاكل التي اعترضت بعض إخواني وأصدقائي وزملائي‏.‏

وقد رأيت أن كثيراً من هذه المشاكل هي بسبب الجهل بالقواعد والأحكام الشرعية لعقد الزواج وأنه بمجرد العلم بهذه القواعد والأحكام وتطبيقها يستقيم نظام الأسرة ويتماسك بناؤها‏.‏ وكذلك وجدت أن من أسباب الخلاف والتفكك الأسري تنقسم إلى ثلاث القسمان الأول والثاني هما الجهل بالتكوين النفسي وبالخصائص الذاتية لكل من الذكر والأنثى وأن الرجل عندما يتزوج المرأة دون العلم بهذه الخصائص الذاتية وبهذه المكونات النفسية فإنما يتعامل مع المجهول، وكذلك الحال بالنسبة لإقدام المرأة على الزواج بالرجل وهي لا تعرف خصائصه الذاتية ومكوناته النفسية، ويعود القسم الثالث من أنواع المشاكل بين الزوجين إلى الجهل بالأخلاق الواجبة التي يجب أن تسود علاقات الزوجية، ومن أعجب ما رأيت في هذا الصدد أن يكون الرجل لطيفاً كريماً مع الناس جميعهم إلا مع زوجته‏.‏ وأن تكون الزوجة متزنة عاقلة في تصرفاتها مع جميع من تعاشر إلا مع الزوج‏.‏

هذه هي أصول المشاكل في الأسر وقد رأيت من واجبي أن أقدم لإخواني هذه الرسالة أرجو أن يجد المتزوجون فيها ضالتهم المنشودة التي تفتح لهم آفاقاً جديدة من السعادة والسلام والاستقرار، وأن يجد الذين لم يتزوجوا بعد دراسة كاملة في هذا الصدد يستطيعون بها أن يؤسسوا بيوتاً ملؤها السعادة والحب‏.‏

وكنت قد نشرت هذا الكتاب في جريدة الوطن الكويتية وقد وفق الله نشره الآن في كتاب لتتم به الفا‌ئدة ولله الحمد أولاً وأخيراً‏.‏

ولقد حاولت -بحمد الله- ما أمكنني أن أيسر موضوع عقد الزواج لكل قارئ حتى تفهم شروط هذا العقد ومواقعه وآثاره، وذلك أني أكتب هذا الكتاب للعامة وليس للعلماء والمتخصصين‏.‏ إني أكتب هذه الرسالة لإخواني وأخواتي رغبة في تمكينهم من أن يؤسسوا بيوتاً صالحة وأن يحافظوا على هذا العهد المقدس والميثاق الغليظ كما وصفه الله في كتابه‏:‏ ‏{‏وأخذنا منكم ميثاقاً غليظاً‏}‏‏!‏‏!‏‏.‏ وكذلك ليحافظ المسلمون على بقاء هذا العقد لأنه آخر ما بقي بأيدينا اليوم من قوانين الإسلام وتشريعاته، وضياع هذا العقد من مجتمع المسلمين يعني ضياع آخر أحكام الشريعة الإسلامية من مجتمعنا المعاصر‏.‏

ولا شك أن معرفة العامة بهذا العقد، وصيانة أحكامه والعمل بهدي الله الذي جاء فيه صيانة عظيمة لمجتمعنا من الفساد والانحلال الذي اجتاح دول العالم شرقاً وغرباً بعد أن فرطوا في عقد الزواج فانهدم النظام الأسري وانهدمت تبعاً لذلك كافة الأخلاق والقيم‏.‏

والله أسأل أن ينفع بهذا الكتاب المبارك كل ناظر فيه ودارس له وأن يجعل ثوابنا عنده الجنة‏.‏ ‏{‏ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً‏}‏، والحمد لله أولاً وأخيراً‏.‏

عبدالرحمن عبدالخالق

الكويت في 17 محرم 1399هـ‏.‏


الزواج نعمة

امتن الله سبحانه وتعالى علينا في كتابه أن خلقنا معشر الرجال والنساء من نفس واحدة‏.‏ وهذه النفس الواحدة هي آدم‏.‏ والمنة في هذا أن نوع الرجال ليسوا خلقاً مستقلاً وكذلك نوع النساء ليس أصل خلقهم مستقلاً فلو كان النساء خلقن في الأصل بمعزل عن الرجال كأن يكون الله قد خلقهم من عنصر آخر غير الطين مثلاً أو من الطين استقلالاً لكان هناك من التنافر والتباعد ما الله أعلم به ولكن كون حواء قد خلقت كما جاء في الحديث الصحيح من ضلع من أضلاع آدم عليه السلام كان هذا يعني أن المرأة في الأصل قطعة من الرجل، ولذلك حن الرجل إلى المرأة وحنت المرأة إلى الرجل وتجانسا‏:‏ حنين الشيء إلى مادته وتجانس المادة بجنسها‏.‏

ثم كان من رحمة الله سبحانه وتعالى أن جعل التكاثر من التقاء الرجال والنساء لقاء يكون فيه الإفضاء الكامل، والالتصاق الكامل واللذة الكاملة وذلك ليحقق قول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏النساء شقائق الرجال‏]‏، فالرجل والمرأة وجهان لعملة واحدة‏.‏ أو شقان لشيء واحد‏.‏

وهذا الخلق على هذا النحو من أعظم آيات الله سبحانه وتعالى، كما قال جل وعلا‏:‏ ‏{‏هو الذي خلقكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون‏}‏‏.‏

ولذلك أمرنا الله سبحانه وتعالى بمراعاة هذه الوحدة في الأصل عند تعامل الرجال والنساء فقال‏:‏ ‏{‏يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً‏}‏‏.‏

بل أمرنا بما هو أكبر من ذلك أن نتذكر نعمته في خلقنا على هذا النحو، وبأن خلق فينا هذا الميل من بعضنا لبعض وغرس في القلوب الحب والرحمة بين الزوجين كما قال سبحانه وتعالى‏:‏ ‏{‏ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون‏}‏‏.‏

وهكذا يصبح أمام المسلم أمور يجب أن يضعها نصب عينيه وهو يبحث في العلاقة بين الرجل والمرأة‏:‏

أولاً‏:‏ أن الرجال والنساء جنس واحد وليسوا جنسين، فأصلهم واحد وهو آدم وزوجته قطعة منه، والرجال والنساء في الأرض بعضهم من بعض لا توجد نسمة إلا وفيها جزء من الرجل وجزء من المرأة وقد تحملت المرأة في الخلق والتكاثر ما لم يتحمل الرجل حيث كان رحمها مستقراً ومستودعاً للنطفة، ومكاناً لاكتمال الخلق من البويضة النطفة إلى الطفل‏.‏ وقد تحمل الرجل في مقابل ما تحملت المرأة الكدح في سبيل العيش والرعاية وبهذا توزعت الاختصاصات وتحمل كل شق من هذا الجنس الواحد جانباً من جوانب استمرار الحياة وبقاء الحضارة‏:‏ تحملت المرأة وهيأها الله أن تكون مستقراً ومستودعاً للنسل حتى يخرج إلى الحياة، وأن يكون الرجل مكافحاً وعاملاً وكادحاً في سبيل الحصول على الرزق وبهذا تكتمل الصورة الواحدة‏.‏

ثانياً‏:‏ أن خلق الرجال والنساء على هذا النحو من أكبر آيات الله سبحانه وتعالى، ومن أعظم الأدلة على قدرته‏.‏ وقد أرشدنا الله سبحانه وتعالى في آيات كثيرة إلى التفكير في هذا الخلق كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏فلينظر الإنسان مم خلق، خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب‏}‏، والصلب في لغة العرب هو فقار الظهر ‏(‏عند الرجل‏)‏، والترائب هي عظام الصدر، قال الفراء في هذه الآية ‏(‏يعني صلب الرجل وترائب المرأة‏)‏ والمعنى عند ذلك أنه من مجموع جسدي الرجل والمرأة بل ومن مخ عظامهما أوجدك الله أيها الإنسان‏.‏ وذلك لتتم اللحمة والتعاطف والحب بين الأزواج والزوجات والآباء والأمهات والأبناء بعضهم مع بعض فمن فرق بين الذكر والأنثى لصفات الذكورة والأنوثة التي جعلها الله سبحانه وتعالى لازماً لاستمرار النوع والنسل فقد فرق بين الشيء نفسه وجنسه، ومن افتعل معركة بين ذكور الجنس البشري وإناثه فإنما هو مبطل يريد هدم الكيان البشري والوصول إلى الإباحية والشيوعية الجنسية، ومن قال بما قال به الرب سبحانه من توزيع الحقوق والوجبات على الجنسين اعتباراً بالذكورة والأنوثة فقد وافق الفطرة التي فطر الله الناس عليها وأراد أن يعم السلام والخير بين الرجال والنساء‏.‏

انظر إلى قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً، وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة، ورزقكم من الطيبات، أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون‏}‏‏.‏

فالزوجة من النفس لأنها بضعة من الرجل، والأولاد وأولاد الأولاد من اجتماع الذكور والإناث، والراحة النفسية ومتاع الدنيا هو في الحب الحقيقي بين الزوج وزوجته وبين الأب والأم وأولادهما، وبين الأبناء وآبائهم وجدودهم، فكم يسعد الجد بأحفاده سعادة لا تعدلها سعادة الطعام الجيد والشراب اللذيذ، وصلة القرابة هذه وصلات النسب والتمتع بذلك لا يكون إلا في ظل النكاح الشرعي، وأما في أنكحة السفاح فإن أول حرمان لأصحابها هو حرمانهم من هذا الحب الشريف النقي بين الأرحام إذ مع السفاح واختلاط الأنساب لا أرحام وإنما يبغي لذة واحدة هي لذة الحيوان فهل يراد للبشر الذين كرمهم الله أن يكونوا كذلك‏؟‏‏.‏‏.‏


حكم الزواج في الإسلام

الزواج شرعه الله سبحانه وتعالى لبقاء النسل، ولاستمرار الخلافة في الأرض كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة‏}‏، والخليفة هنا هم الإنس الذين يخلف بعضهم بعضا في عمارة هذه الأرض وسكناها بدليل قوله تعالى بعد ذلك‏:‏ ‏{‏أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك‏}‏، وقال تعالى أيضا‏:‏ ‏{هو الذي جعلكم خلائف في الأرض‏}‏، ولا يمكن أن نكون خلائف في الأرض إلا بنسل مستمر، وليس كل نسل مرادا لله سبحانه وتعالى ولكن الرب يريد نسلا طاهرا نظيفا، ولا يتحقق ذلك إلا بالزواج المشروع وفق حدود الله وهداه‏.‏

ولما كان الإسلام دين الفطرة، ودين الله الذي أراد عمارة الأرض على هذا النحو فإن الإسلام قد جاء بتحريم التبتل والحث على الزواج لكل قادر عليه ويدل على هذا أحاديث منها‏:‏

1- حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال‏:‏ ‏[‏رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل ولو آذن له لاختصينا‏]‏، والتبتل هو الانقطاع عن الزواج عبادة وتدينا وتقربا إلى الله سبحانه وتعالى بالصبر على ذلك والبعد عما في الزواج من متعة وأشغال ابتغاء رضوان الله سبحانه وتعالى، ومعنى هذا أن هذه العبادة غير مشروعة في الإسلام‏.‏ بل قد جاء حديث آخر يبين أنها مخالفة لسنة الإسلام وهديه وهو الحديث الآتي‏:‏

2- حديث أنس بن مالك رضي الله عنه‏:‏ أن ثلاثة نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال بعضهم‏:‏ لا أتزوج النساء، وقال بعضهم‏:‏ أصلي ولا أنام، وقال بعضهم‏:‏ أصوم ولا أفطر، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏[‏ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأتزوج النساء‏.‏ فمن رغب عن سنتي فليس مني‏]‏ ‏(‏متفق عليه‏)‏‏.‏ وهذا صريح في أن هذه الشريعة أعني التبتل والرهبانية ليست من دين محمد صلى الله عليه وسلم في شيء‏.‏

وقد جاءت الأحاديث التي تحث على الزواج وتبين أن الزواج عون على طاعة الله ومرضاته من ذلك‏:‏

1- حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء‏]‏ ‏(‏رواه الجماعة‏)‏‏.‏

وفي هذا الحديث ما يدل على أن الزواج معين على العفة وصون الجوارح عن زنا الفرج كما في الحديث‏:‏

‏[‏إن العين تزني وزناها النظر، وإن اليد تزني وزناها البطش، وإن الأذن تزني وزناها السمع، وإن الفرج يصدق هذا أو يكذبه‏]‏، وإعفاف النفس وصونها عن كل ذلك من أفضل ما تقرب به المتقربون إلى ربهم سبحانه وتعالى كما لا يخفى ما في ترك الزواج من الآثار السيئة النفسية المدمرة على كل من الرجل والمرأة وهو ما عبر عنه القرآن بالعنت حيث قال تعالى في شأن إباحة الزواج من الإماء‏:‏ ‏{‏ذلك لمن خشي العنت منكم‏}‏، وهو الإرهاق النفسي الذي يصاحب الكبت الجنسي‏.‏

2- ومن هذه الأحاديث أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم في معرض بيان ما يثاب به العبد وتكتب له به الحسنات‏:‏ ‏[‏وفي بضع أحدكم صدقة‏]‏، والبضع هو من المباضعة -والمباضعة‏:‏ هي الجماع- قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر‏؟‏ قال‏:‏ ‏[‏أرأيتم إن وضعها في حرام أكان عليه وزر‏؟‏ فكذلك إذا وضعها في حلال كان له بها أجر‏]‏، وهذا الحديث غاية في بيان المراد في هذا الصدد وأن الزواج ليس من المباح الملهي وإنما هو من المباح الذي يتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى‏.‏

3- وفي قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏دينار تنفقه على أهلك، ودينار تنفقه على مسكين، ودينار تنفقه في سبيل الله،أعظمها أجراً الذي تنفقه على أهلك‏]‏ ‏(‏رواه مسلم‏)‏‏.‏

وفي هذا بيان أن النفقة على الأهل أحب النفقات وأعظمها أجراً عند الله سبحانه وتعالى وبالطبع هذا كله إذا ابتغى المسلم وجه الله سبحانه وتعالى لما جاء في حديث سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له‏:‏ ‏[‏واعلم أنك لن تنفق نفقة صغيرة ولا كبيرة تبتغي بذلك وجه الله إلا أجرت عليها حتى اللقمة تضعها في فم امرأتك‏]‏ ‏(‏متفق عليه‏)‏‏.‏

وقد استدل ببعض الأحاديث المتقدمة من يرى وجوب الزواج وأن من تركه مع القدرة عليه فهو آثم وهذا رأي ابن حزم وقول من أقوال الإمام ابن حنبل وعموم الفقهاء والأئمة على استحباب ذلك ولكن لا يخفى مع هذا أن من تركه زهادة فيه وهو آمن على نفسه من الفتنة وانشغالاً بأعمال أخرى من البر والدعوة والجهاد فنرجو أن لا يكون مثل هذا آثماً بتركه‏.‏


حكمة الزواج وأهدافه

لماذا نتزوج‏:‏

سؤال ينبغي أن يسأله كل شاب وشابة لنفسه بل كل مريد للزواج قبل أن يقدم عليه‏.‏ لماذا نتزوج‏؟‏ وما الحكمة من هذا الزواج‏؟‏

وهناك أربعة حكم أو أهداف اجعلها نصب عينيك قبل أن تقدم على الزواج‏.‏


1- النسل‏:‏

جعل الخالق سبحانه استمرار النوع الإنساني على الأرض منوطاً بالتزواج، واستمرار النوع هدف وغاية للخالق سبحانه وتعالى كما قال جل وعلا عن نفسه‏:‏ ‏{‏الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين‏}‏، ولذلك أيضاً جعل الله سبحانه وتعالى الإضرار بالنسل من أكبر الفساد في الأرض كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد‏}‏‏.‏

والنسل الذي يصلح لعمارة الأرض وخلافتها وسكناها هو النسل الذي يأتي بطريق نكاح لا بطريق سفاح، فالنسل السوي هو نسل النكاح‏.‏ وأما نسل السفاح فهو مسخ يشوه وجه الحياة ويشيع فيها الكراهية والمقت‏.‏ ولا يغيب عن بال قارئ مثقف في عصرنا ما يعانيه العالم الآن من أولاد السفاح الذين خرجوا إلى الأرض بأجسام بشرية وبنفوس حيوانية مريضة ملتوية، قد فقدت الحنان في طفولتها ولم تعرف الأرحام والأقارب فغابت عنها معاني الرحمة‏.‏

والنكاح بأصوله وحدوده وقواعده كما شرعه الله سبحانه وتعالى هو الوسيلة السليمة لاستمرار النوع الإنساني وبقائه وقد أمرنا سبحانه بابتغاء النسل عند معاشرة النساء حيث قال سبحانه‏:‏ ‏{‏أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن - علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم، فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم‏.‏‏.‏‏}‏ الآية، وابتغاء ما كتب الله هو طلب الولد ‏(‏على وجه من وجوه التفسير لهذه الآية‏:‏ ‏{‏وابتغوا ما كتب الله لكم‏}‏ أي من قيام رمضان فلا تنشغلوا بالمباح في ليلة من معاشرة النساء عن قيام ليلة وخاصة في العشر الأواخر كما ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعتزل نساءه فيهن‏)‏ ولذلك جاء في حديث ابن عباس في الصحيح قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما بولد لم يضره الشيطان أبداً‏]‏‏.‏

2- الإمتاع النفسي والجسدي‏:‏

يهيئ الزواج لكل من الرجال والنساء متعة من أعظم متع الدنيا وهذه المتعة تنقسم إلى قسمين‏:‏ سكن وراحة نفسية، وإمتاع ولذة جسدية‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون‏}‏ ‏(‏الروم‏:‏21‏)‏‏.‏

والسكن إلى المرأة يشمل سكن النفس وسكن الجسم والمودة والرحمة من أجمل المشاعر التي خلقها الله فإذا وجد ذلك كله مع الشعور بالحل والهداية إلى الفطرة ومرضاة الله سبحانه وتعالى كملت هذه المتعة ولم ينقصها شيء، وقد ساعد على ذلك بالطبع الأصل الأول للخلق، وغريزة الميل التي خلقها الله في كل من الذكر والأنثى للآخر وابتغاء هذا المتاع، والسكن بالزواج مطلوب شرعاً كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها‏}‏، وهذا عن زينب رضي الله عنها والوطر هو حاجة الإنسان كالأرب، والاستمتاع بالنساء لا ينافي التعبد الكامل بل هذا النبي صلى الله عليه وسلم سيد العابدين والمتقين يقول‏:‏ ‏[‏حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء، وجعلت قرة عيني في الصلاة‏]‏‏.‏ فمحبة الطيب والنساء لم تمنعه صلوات الله وسلامه عليه أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم للعالمين وأن يكون سيد العابدين المتقين، ولذلك فقد وسع الله عليه في ذلك، حيث قال‏:‏ ‏{‏يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك، وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وبين سبحانه وتعالى أنه لا حرج ولا ضيق على النبي في هذا المباح والذي أوجب الله عليه بعضه أحياناً كما أوجب عليه أن يتزوج بزينب وأمره بذلك حيث قال‏:‏ ‏{‏فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها‏.‏‏.‏‏}‏ الآية، فالآمر بالزواج هنا هو الله سبحانه وتعالى وبين أنه لا حرج عليه في هذا حيث قال‏:‏ ‏{‏ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدراً مقدوراً‏}‏‏.‏

والشاهد من هذا كله أن متع الزواج الحسية والنفسية من خير ما خلق الله من متاع لعباده في الدنيا، وابتغاء هذا المتاع وفق تشريع الله وهديه من الأسباب التي توصل إلى مرضاة الله سبحانه‏.‏

3- بلوغ الكمال الإنساني‏:‏

الحكمة الثالثة من حكم الزواج هي بلوغ الكمال الإنساني فالرجل لا يبلغ كماله الإنساني إلا في ظل الزواج الشرعي الذي يتوزع فيه الحقوق والواجبات توزيعاً ربانياً قائماً على العدل والإحسان والرحمة لا توزيعاً عشوائياً قائماً على الأثرة وحب الذات وافتعال المعارك بين الرجال والنساء وأخذ الحقوق والتنصل من الواجبات بالشد والجذب والتصويت في ‏(‏البرلمانات‏)‏‏.‏

فالمتع الجسدية والنفسية تعمل عملها في نفس الإنسان وفكره وقواه النفسية والبدنية فيشعر بالرضا والسعادة والراحة النفسية والجسدية حيث تتصرف طاقته وغريزته بأنظف الطرق وأطهرها وحيث ينشأ بين الزوجين الوفاء والحب الحقيقي القائم على الود والرحمة والمشاركة، لا ذلك الميل الحيواني القائم على تفريغ الشهوة وبلوغ اللذة دون وجود الوفاء والرحمة‏.‏ فمشاعر الزناة والزواني لا يمكن أن تكون كمشاعر الأزواج والزوجات فالأولى مشاعر حيوانية شهوانية حدها محدود بوجود هذه اللذائذ الحسية ومنته بانتهائها، ولا يمكن أن يكون فيها ومعها أي شعور بالاحترام والود والوفاء بل على العكس من ذلك، هناك شعور بالاحتقار والازدراء والامتهان احتقار الزواني لمن وافقته على عمله الخبيث، واحتقار الزانية لمن استغل حاجتها أو جمالها أو ضعفها الأنثوي وميلها الطبيعي‏.‏ ولذلك فمشاعر الزناة والزواني متضاربة، ساقطة، ومشاعر الأزواج منسجمة سامية، وتلك المشاعر تولد العقد النفسية والانحلال الخلقي وضعف الوازع وهوان النفس، وأما مشاعر الأزواج النظيفة فإنها تورث الحب والرحمة وسمو النفس وحياة الضمير والقلب، وباختصار مشاعر الأزواج بناء ومشاعر الزناة والزواني مشاعر هدم‏.‏ ولذلك سمى الزواج في الإسلام بناء‏.‏ حيث إنه بناء نفسين وبناء أسرة‏.‏

ولذا فأبعد الناس عن الأمراض النفسية والعصبية هم أهل الاستقامة في هذا الشأن وأقرب الناس إلى الأمراض النفسية والعقد والامتهان هم أهل الانحراف والفساد‏.‏

ولذلك فالمجتمع السليم في أفراده ذكوراً وإناثاً هو مجتمع الزواج الشرعي، وبغير ذلك مجتمع الخنا والانحراف‏.‏

وتوزيع المسؤوليات في الزواج ينمي قدرة الرجل على القيام بالواجب ويجعل له هدفاً سامياً في الحياة وهو إسعاد زوجته أو حمايتها والسعي في سبيل أبنائه وذريته‏.‏ وبالمسئوليات يتربى الرجال وكذلك بالمسئوليات الملقاة على الزوجة نحو الزوج تكمل شخصية المرأة‏.‏ وقد دلت الإحصائيات الحديثة على أن المرأة لا تكمل نفسياً وجسدياً وعقلياً أيضاً إلا بعد المولود الثالث فإذا كانت هذه الزوجة التي رزقت بأولاد ثلاثة في ظل أسرة متماسكة وفي ظل تربية سليمة وأهداف نبيلة بلغت المرأة كمالها الإنساني الذي قدره الله لها‏.‏ وبهذا نفسر التمزق والطيش وضعف الوازع والرغبة في الهدم التي تسيطر على العوانس ممن حرمن نعمة الزواج والأولاد ولذلك جاء الإسلام بالقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة فأمر المسلمين أمراً لازماً بتزويج العوانس والأرامل حيث قال تعالى‏:‏ ‏{‏وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله‏.‏‏.‏‏}‏ الآيات‏.‏ والأيامى جمع أيم، والأيم هي التي مات زوجها، والأمر هنا للمسلمين عامة وأولي الأمر خاصة‏.‏ فالعنوسة وكثرة الأيامى التي لا يتزوجن من أكبر مشكلات المجتمع - والشاهد أن المرأة التي حرمت نعمة الزواج أو حرمت نعمة الأولاد امرأة ناقصة خلقياً وفكرياً وعقلياً، وإن كان هذا أحياناً بظلم المجتمع‏.‏ ولست بصدد البحث عن أسباب ذلك، ولكننا بصدد البحث في نتائج ذلك‏.‏ والخلاصة أن الرجل لا يكمل عقله وتستقر نفسه إلا في ظل الزواج وكذلك الحال بالنسبة للمرأة‏.‏

4- التعاون على بناء هذه الحياة‏:‏

هذه الحياة التي نعيشها على ظهر هذه الأرض تفرض علينا أن نعيش في مجتمع، والمجتمع بناء كبير يتكون من لبنات‏.‏ والوحدة الأولى من وحدات هذا المجتمع هو الفرد رجلاً كان أم امرأة‏.‏ والرجل والمرأة مستقلاً كلاً منهما عن الآخر لا يستطيع أي منهما العيش، بل كل منهما محتاج للآخر حاجة شق النواة للشق الثاني بل حاجة الشيء إلى نفسه، ولذلك لا يمكن أن نبني مجتمعاً سليماً إلا بتكوين لبنة سليمة، ولا نستطيع أن نقول إن الرجل بنفسه لبنة واحدة ولذلك كانت الأسرة هي اللبنة الأولى لبناء المجتمع السليم، وبتعاون الزوجين تبنى الحياة، ولذلك فعقد الزواج يشابه عقود الشركة من هذا الوجه‏.‏ أعني المشاركة في بناء الحياة وتحمل أعبائها‏.‏

هذه أهداف أربعة اجعلها أمامك‏:‏ النسل، والاستمتاع، وبلوغ الكمال الإنساني، والمشاركة لبناء الحياة‏.‏


كيف تختار شريك الحياة‏؟‏‏!‏

عرفنا مما سبق أنه يجب علينا أن نضع أربعة أهداف أمامنا ليكون زواجنا كاملاً وهذه الأهداف الأربعة هي‏:‏ النسل، والإمتاع النفسي والجسدي، وبلوغ الكمال الإنساني، والتعاون على بناء الحياة، هذه الأهداف الأربعة قد نصل إليها جميعها وقد نحرم بعضها إما بشيء خارج عن إرادة الزوجين كالنسل وذلك أن العقم يعود غالباً إلى أسباب خلقية ‏(‏بفتح الخاء وتسكين اللام‏)‏ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ويجعل من يشاء عقيماً‏}‏، وقد يعود التقصير في بلوغ الأهداف السابقة إلى أسباب من فعلنا كسوء الاختيار والانحراف الخلقي والجهل بطبيعة الحياة الزوجية‏.‏‏.‏ الخ وهذا ما نحن بصدد بيان السبل التي تساعدنا على تجنبه‏.‏

أول ما يجب على كل من الرجل والمرأة معرفته هو مناط الاختيار‏.‏ أعني ما الصفات التي يجب أن تتحلى بها المرأة حتى يرغب الرجل في الزواج بها‏؟‏ وما الصفات التي يجب أن يتحلى بها الرجل حتى ترغب المرأة في الزواج منه‏؟‏ وفيما يلي بعض صفات هي مناط الاختيار عند الناس جميعاً سنورد بحول الله كل صفة مبينين القيمة الحقيقية لها وأثرها في الحياة الزوجية‏.‏


أولاً‏:‏ الأصل أو المعدن أو الأرومة‏:‏

لو نظرت إلى مجموعة مختارة من جميع أجناس الأرض وأشكالها لوجدت أنهم يختلفون في مظهرهم وخلقتهم اختلافاً بيناً فهناك الطويل والقصير والألوان على اختلاف درجاتها من الأسود والأبيض والأصفر‏.‏‏.‏ وهناك اختلاف الأشكال والملامح والقسمات‏.‏‏.‏ بل ليس هناك إنسان في الأرض يشبه إنساناً آخر من كل وجه بل لا بد أن يكون هناك اختلاف ما، ولذلك لا تشبه بصمة أصبع بصمة أخرى أبداً‏.‏

وهذا الاختلاف الظاهري الشكلي يبدو تافهاً جداً وقليلاً جداً إذا قارناه بالاختلاف النفسي والخلقي فنفوس الناس وصفاتهم الداخلية الخلقية تختلف اختلافاً عظيماً جداً‏.‏ وأصدق وصف لاختلاف الناس هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏الناس معادن كمعادن الذهب والفضة وخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا‏]‏، وفي الحديث فوائد عظيمة جداً أهمها‏:‏ أن كرم الأصل في الجاهلية يساعد على التحلي الكامل بأخلاق الإسلام والقيام بتعاليمه‏.‏ فالإنسان ‏(‏خامة‏)‏ منها النوع الجيد جداً الذي يتشكل بسهول ومن الناس خامات رديئة كالفضة المغشوشة أو المعدن المخلوط الذي لا يصلح مهما حاولت صناعته لشيء‏.‏ وهناك فارق عظيم بين كرم الأصل، ونقاوته وشهرة العائلة والقبيلة فقد يشتهر غير الكرام وإنما المقصود المعدن البشري‏.‏ والحق إن معرفة معادن الناس شيء عسير جداً ولا يفهمه إلا صيرفي ماهر، وهذا لا يستطيعه كل الناس ولكن الضابط في هذا هو اشتهار الناس بأخلاق معينة وصفات معروفة، قد تكون هذه الشهرة مبنية على معرفة حقيقية وحوادث ووقائع تفيد العلم اليقيني، وقد تكون مبنية على دعايات وإشاعات كاذبة‏.‏ فالناس يقولون هؤلاء القوم كرماء شجعان، وأولئك بخلاء جبناء، وهؤلاء القوم تغلبهم نساؤهم، وأولئك يهينون زوجاتهم، وهؤلاء القوم نساؤهم عفيفات محصنات وأولئك نساؤهم مستهترات خليعات وهكذا‏.‏ المهم أن أخلاق الشعوب والقبائل والفصائل مختلفة متباينة ولذلك وجب علينا النظر في أصول الناس قبل الإقدام على الزواج‏.‏ وهذه القاعدة بالطبع قاعدة أغلبية وليست قاعدة كلية حتمية فقد يوجد الشجاع من القوم الجبناء، وقد توجد العفيفة المحصنة في القوم الذين لا يأبهون لميل نسائهم وانحراف رجالهم وعلى كل حال فالنظر في الأصول أمر دقيق جليل، ولا يجوز أن نأخذه على وجه العصبية والجاهلية وإنما يجب أن نأخذه على الأمر بحسن الاختيار، فبعض الشعوب وبعض القبائل يرفعون أنفسهم ويتعصبون لها على وجه التعصب والجهل والجاهلية ويمنعون أنفسهم ونساءهم من زواج الآخرين على زعم أنهم خير منهم وقد يكون عند الآخرين من الصفات النفسية والخلقية الطيبة ما ليس عند أولئك‏.‏

فنظرنا نحو الأصل يجب أن يكون هو النظر نحو ‏(‏الخامة‏)‏ والمعدن‏:‏ الخامة التي تتوافر فيها الصفات الإنسانية الطيبة‏.‏ باختصار يجب أن يبحث الرجل عن المرأة ‏(‏الإنسان‏)‏ ويجب أن تبحث المرأة عن الرجل ‏(‏الإنسان‏)‏‏.‏ انظر عندما خطب أبو طلحة وهو مشرك كافر امرأة من المسلمين هي أم سليم قالت له‏:‏ ‏(‏يا أبا طلحة والله ما مثلك يرد ولكنك امرؤ كافر وأنا امرأة مسلمة ولا تحل لي فإن تسلم فهو مهري‏!‏‏!‏‏)‏‏.‏ فقول هذه المرأة الفقيهة‏:‏ ‏(‏والله ما مثلك يرد‏)‏ معناه أن الرجل فيه الصفات الإنسانية التي تطمح المرأة في وجودها في الرجل ولكن منعها من الموافقة كفر‏.‏ باختصار ليكون بحثنا أولاً عن الإنسان‏.‏

ثانياً‏:‏ الدين‏:‏

الدين هو المنهاج الرباني الذي أنزل ليجعل من الإنسان إنساناً كاملاً في صفاته وأخلاقه وليجعل معاملته وتصرفاته في هذه الدنيا على أكمل الوجوه التي تحقق العدل والسعادة، وهذا الدين إذا التقى مع المعدن الإنساني الطيب ووافق القبول صنع الأعاجيب ولكنه إذا صادف المعدن الهش المغشوش صنع في صاحبه بالقدر الذي يحتمله ويطيقه إذا توفر القبول أيضاً‏.‏

والتدين الحقيقي شيء خفي لأن حقيقة الدين تتعلق بالقلوب أعظم مما تعلق بالظواهر دلالات وعلامات على الدين ولكنها ليست دلالات ظنية فليس كل من أعفى لحيته، وقص شاربه، ووقف في صفوف الصلاة مع المسلمين كان متديناً مؤمناً بل هذه ظواهر قد تدل على هذا وقد يكون هذا نوعاً من النفاق والمجاراة والاعتياد لا يغني قليلاً أو كثيراً في حقيقة الدين‏.‏

وكذلك بالنسبة للمرأة أيضاً فمع أن الحجاب فريضة إسلامية وظاهره يدل على الصلاح والدين والفقه إلا أنه ليس دليلاً قطعياً على ذلك ولكنه ظاهر فقط قد يكون نوعاً من النفاق والمجاراة والعادة أيضاً‏.‏ والذي نعنيه هنا في اختيار الزوج الصالح والزوجة الصالحة البحث عن الدين الحقيقي أو كما قلنا آنفاً الدين الحقيقي لا يعمل على وجه القطع ولكن بغلبة الظن، وأداء الشعائر والحفاظ عليها قرائن ظاهرية إذ ضممنا بعضها إلى بعض قد نحصل على نتيجة حقيقية‏.‏ وهذا أقوله حتى لا يتعثر بعض الشباب بالقشرة الخارجية لبعض الفتيات، ولا تتعثر أيضاً بعض الفتيات الطيبات الصالحات بالقشور الخارجية لبعض الرجال‏.‏

ولذلك كان سؤال عمر بن الخطاب عن الرجال هو التعامل بالدينار والدرهم‏.‏ فقد سأل رجلاً فقال‏:‏ هل تعرف فلاناً‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ هل عاملته بالدينار والدرهم‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ إذن لا تعرفه‏.‏ فمعرفة الدين الحقيقي لا يكون إلا بالمواقف والتعامل ومن أحرج المواقف التي تظهر الرجال المعاملة بالدينار والدرهم لأن النفوس مجبولة على حب المال فإذا تغلب الدين ومراقبة الله على النفس في هذه القضية دل هذا على وجود الدين‏.‏ ولذلك يجب علينا في البحث عن الزواج أن نبحث عن حقيقة الدين وأن نأخذ من مجموع التصرفات والمعاملات هدايا ومرشدا إلى معرفة دين الرجل والمرأة‏.‏

ثالثاً‏:‏ الحب‏:‏

يعلق كثير من راغبي الزواج أهمية بالغة على وجود الحب قبل الزواج‏.‏ ويجعله بعضهم شرطاً أساسياً للزواج الناجح ويصمون الزواج الذي يعقد قبل الحب، بالفشل‏.‏ وهذا الكلام يصدر عن هوى أو عن جهل بحقائق الزواج، وطبيعة الحياة بين الرجل والمرأة‏.‏

ويختلف مفهوم الناس لكلمة الحب اختلافاً كبيراً فبينما تصدق هذه الكلمة على ميل القلب الفطري والغريزي والمكتسب نحو شيء ما كحب الأبناء لآبائهم والعكس وميل الرجل الغريزي نحو المرأة والعكس، وكذلك على ميل الإنسان لبعض المحبوبات من المطعومات والملبوسات والمرئيات‏.‏ أقول بينما تطلق اللفظة في اللغة على ميل القلب وراحته إلى شيء ما فإن هذه اللفظة تستعمل خطأ على الممارسات ‏(‏الجنسية‏)‏ خاصة بين الرجل والمرأة وخاصة في مجال العلاقات الآثمة وهذا منتهى الإفساد لهذه الكلمة الطيبة والتبديل لمعناها، فالاسم الصحيح للعلاقات الآثمة هو الزنا والبغاء‏.‏ ووضع الكلمات الطاهرة الطيبة على المعاني الفاسدة يفسد اللغة والذوق وكذلك يهدم الدين والأخلاق ولذلك فإننا نرى أنه لا يجوز استعمال هذه اللفظة ‏(‏الحب‏)‏ إلا في معناها الصحيح‏.‏

والذين يسعون قبل عقد العقد الشرعي، والخطبة الشرعية إلى الحصول على الحب بمعناه الفاسد إنما يكتبون بأيديهم فساد حياتهم الزوجية ويهدمون أهم عامل من عوامل الحب الحقيقي بين الزوجين وهو الوفاء والإخلاص ‏(‏وقد تكلمنا عن هذا مفصلاً في بحث البكارة‏)‏‏.‏

ولا يتصور وجود الوفاء والإخلاص إلا بالطهارة والاستقامة الخلقية قبل الزواج وبعده‏.‏

بخلاف ذلك فالمرأة تسعد وتحب أن تكون مأخوذة ومحبوبة والرجل يجد سعادة فائقة إذا كان عند زوجته هو الرجل الوحيد في الدنيا، وأنه لا رجل غيره‏.‏‏.‏ وما زال ولن يزال الرجل يتألم وتجرح كبرياؤه لو مدحت امرأته رجلاً غيره أو حتى استظرفت غيره أو استحسنت منه شيئاً‏.‏‏.‏ والمعرفة الواسعة للرجل بالمرأة التي يريد الزواج بها وكذلك معرفة الفتاة معرفة كاملة أو شبه كاملة بالرجل الذي تريد الزواج به يفقد الزواج أحلى قضية فيه وهو هذا الاضطراب والخوف اللذيذ من ملاقاة المجهول فبالرغم من أن الإسلام أوجب على الرجل النظر إلى المرأة قبل الزواج وجعل رضا المرأة شرطاً في صحة العقد فإن النظر والرضا لا يعني أكثر من الاطمئنان إلى ‏(‏الشكل‏)‏ المطلوب، ويبقى الموضوع شيئاً آخر تماماً، والذين يريدون معرفة المرأة معرفة تامة قبل الزواج إنما يفرغون الزواج من معناه الحقيقي‏.‏

وباختصار يجب أن نفهم الحب بمعناه الحقيقي لغة وشرعاً، ويجب أن نبني البيوت على الحقائق لا على الأوهام والأماني التي يمني كل من الراغبين في الزواج بها أحدهما الآخر‏.‏ ولا بأس بتاتاً أن يميل قلب رجل إلى امرأة يسمع عن صفاتها وأخلاقها وشمائلها وكذلك لا تعجب إذا أحبت امرأة رجلاً شاهدت وعلمت من صفاته وشمائله ما يدعوها إلى الزواج منه‏.‏ ولكن لا يجوز بتاتاً -إذا أردنا زوجاً سليماً صحيحاً- أن تكون هناك ثمة علاقة بين رجل وامرأة يريدان الزواج أكثر من معرفة الصفات الحقيقية التي سيبني عليها الزواج، والعلاقات الآثمة التي تسبق الزواج ستكون حتماً هي العامل الأول في هدم السعادة الزوجية‏.‏

ويحسن هنا أن نشير إلى أن عقد الزواج الشرعي وإن كان يبيح للرجل الاستمتاع الكامل بزوجته فإنه لا يحسن هذا قبل إعلان ‏(‏الدخول‏)‏ الشرعي لما يترتب على هذا الإعلان من حقوق شرعية لكل من الرجل والمرأة سيأتي تفصيلها في مكانها من هذا البحث إن شاء الله تعالى‏.‏

والحب الكامل بين رجل وامرأة لا يمكن تصوره إلا بعد الزواج حيث تتاح الفرصة للمنافع المتبادلة ولترجمة الإخلاص والوفاء والتفاني في خدمة الغير إلى واقع فعلي‏.‏ وأما قبل الزواج فإن الحب غالباً لا يكون إلا مجرد الميل الغريزي بين الرجل والمرأة، وقد يزيد من إشعال هذا الحب تلك الأماني الجميلة والأحلام المعسولة التي يمطر بها القادمان على الزوج أحدهما الآخر فأحلام اليقظة وبناء الآمال العريضة وإظهار التفاني والإخلاص الذي يقدمه كل من الرجل للمرأة والمرأة للرجل قبل الزواج تشعل الحب وتؤكد ميل القلب ولكن حرارة الحياة وجديتها ورتابة الحياة الزوجية وطول الألف والعشرة تهدم هذه الآمال والأحلام إذا لم يكن عند الزوجين المفهوم الصحيح لمعنى الحياة الزوجية، ولذلك يفاجأ كثيراً من الأزواج ‏(‏الواقع المر‏)‏ بعد دخول الحياة الزوجية ويرون تبدلاً عظيماً في أخلاق شريكة الحياة وقد يسأل كل منهما نفسه‏:‏ هل هذا حقاً هو الإنسان الذي عرفته قبل الزواج‏؟‏‏!‏ وذلك أنهم بنوا حياتهم على الأحلام والأماني لا على الواقع، ولذلك فالتعويل على هذه الأحلام هو من الغباء، والمجتمع المختلط قد يسر لكل من الرجل والمرأة التعرف والتقلب والصحبة والزمالة، ويسر أيضاً الخلوة الفاحشة، ولقد كانت ضريبة هذا هو النفور من الزواج وهدم الحياة الزوجية الحقيقية ففي الإحصائيات التي أخذت على طلاب بعض الجامعات ثبت أن أكثر من 90 بالمائة منهم لا يفكرون بتاتاً في زواج زميلة له في الجامعة وذلك أن الاختلاط الكامل بين الطلاب أفقد المرأة أخص صفاتها وأحظاها عند الرجل وهو شعور الرجل أنه قد فاز بشيء عزيز مكنون‏.‏ ومهما قيل عن هذا الشعور بأنه بدائي أو أنه شعور بالامتلاك والمرأة ليست سلعة و‏.‏‏.‏ و‏.‏‏.‏ الخ‏.‏ فإن الحقيقة أن الرجل بفطرته ما زال يشترط في المرأة أن تكون متاعاً خاصاً به وحده وأن تكون خالصة له من دون الناس‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://siadasd.7olm.org
 
الزواج في ظل الإسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات شموع الاسلام :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: